سوف أورد قصة مخترع وسوف نستقي منها كثيرا من الدروس على جميع المستويات. النظام الحازم والشفاف قد يكون غير مقبول عند كثير من الناس ولكنه قد يكون السبيل الوحيد للنجاح وحب الوطن.
قصة مُختَرع الصور الفوتوغرافية (تشستر كارلسون) الذي ولد عام 1906، في سياتل في ولاية واشنطن في الولايات المتحدة الأمريكية. كان والداه مريضين بالسل إضافة إلى أن والده كان يعاني من مرض خطير في الظهر مما اضطر كارلسون إلى تحمل مسؤولية منزله في سن مبكرة. ففي الصباح الباكر يقوم بتنظيف المنزل وبعد ذلك يذهب إلى مدرسته. كان طالبا نشيطا فقد أنشأ مجلة كيميائية للمدرسة. تنقل بين عدد من الولايات لتوفير الجو المناسب لوالديه ولكنهما توفيا وهو في سن مبكرة. توفيت والدته عندما كان عمره 17 سنة وبعد ذلك توفي والده.
بعد ما أصبح وحيداً, التحق كارلسون بمعهد كاليفورنيا التقني وحصل على درجة الباكالوريس في علوم الفيزياء، ولكنه كان مدينا للمعهد بمبلغ 140 ألف دولار، ولكي يسدد هذا المبلغ الباهظ، حاول العمل في أكثر من 80 شركة ولكنه لم يقبل.
في عام 1930 م حصل على وظيفة مهندس باحث في معمل بل للتلفونات ولكنه لم يستمر طويلاً في عمله حيث بدأ بدراسة القانون في عام 1936 م وتخرج بعد ثلاث سنوات وشغل منصبا في قسم الاختراعات في إحدى الشركات وكان يحتاج في عمله إلى عمل نسخ عديدة من الرسومات ومواصفات الاختراعات. ولكن لا توجد طريقة تمكنه من الحصول على مبتغاه إلا عن طريق النسخ يدوياً والذي كان يستهلك وقته وجهده. لذا قرر كارلسون الحصول على طريقة تجنبه العناء والتعب الذي يبذله للحصول على نسخ. قرأ كتابا عن الكهرباء الساكنة وبدأ بعمل تجارب في مطبخه الخاص واختبر عددا من المواد من بينها مادة الكبريت. انزعج منه الجيران وأطلقوا عليه اسم (العالم المجنون) وحصل بينه شجار شديد مع امرأة تدعى دوريس أصبحت زوجته فيما بعد.
في عام 1938 م تمكن كارلسون وبمساعدة عالم فيزيائي ألماني يدع اوتوكوريني من عمل أول صورة إلكترو- فوتوغرافية على ورقة شمع.
في عام 1948 م ظهر أول إعلان رسمي عن آلة تصوير من قبل شركة (زيروكس) وبيعت تجارياً أول آلة تصوير في عام 1950 م. وقد حصل كارلسون بعدها على مبلغ قدره 150 مليون دولار عن اختراعه وتبرع بمبلغ 100 مليون دولار للجمعيات الخيرية قبل وفاته عام 1968 م .
أدرج اسم كارلسون في قائمة مشاهير المخترعين الوطنيين، وقد استغرق اختراعه 15 عاماً من البحث لكي يتمكن من اختراع آلة تصوير. قضى معظم وقته في العمل وحيداً أو متنقلا من مكان إلى آخر وقد منح ميداليات وجوائز رفيعة المستوى.
لعل هذه القصة تكون حافزاً لشباب الأمة الإسلامية على الصبر وتحمل المصاعب في سبيل بلوغ الهدف. كذلك تعطينا مثالاً يحتذى به في عملية الإنفاق على مشاريع وأعمال الخير. كم أتمنى من رجال الأعمال أو من لديه إمكانيات المساعدة في إنشاء معامل بحثية في جامعاتنا ومراكز الأبحاث الوطنية .